- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 03 آب/أغسطس 2016 18:38
رشيد غويلب
قام صندوق النقد الدولي بمراجعة سياسة الأزمة التي اتبعها في ايرلندا، البرتغال، واليونان، وخرج بحصيلة نقدية. وقد ادى نشر التقرير المكون من 78 صفحة ، والذي اعده خبراء "مكتب التقييم المستقل" التابع للصندوق،الى ردود فعل سياسية تتناسب مع محتواه.
وطالب وزير المالية اليوناني السابق يانس فارافاكس، ليس فقط باعتذار تقدمه "المؤسسات" المالية، بل باستقالة كبار دعاة سياسات الأزمة وبضمنهم باول تومسن مدير مكتب الصندوق في اوربا. ويرى فرافاكس ان التقرير يؤكد ضرورة وصحة التراجع عن سياسات الأزمة المتبعة حتى الآن.
واشارت محصلة التقرير الى ان صندوق النقد الدولي كجزء من الدائنين للبلدان المذكورة ارتكب سلسلة من الأخطاء الكبيرة، بدأت من التهاون ، و خرق قراراته الداخلية، التقليل من طبيعة وحجم الأزمة، وعدم الاخذ بالإستشارة المقدمة لادارته.
المبالغة في التوقعات والإستهانة بالعواقب
لقد قدم الصندوق مليارات من اليورو قروض لبلدان الأزمة، وخصوصا اليونان، مصحوبة بشروط قاسية وتقليص الصرفيات العامة، وتوقعات نمو مبالغ في ايجابيها. وتم التقليل من عواقب سياسة التقشف القاسية. ولم تجر الإستفادة من النتائج السيئة لتجارب سابقة، بل تم تضليل الراي العام بالحديث عن نتائج ايجابية.
وجرى العمل في موجب التقرير بشعار: لقد كانت هناك اخطاء، ولكن الهدف الأهم تم تحقيقه، اعاقة انتقال الأزمة الى بلدان اخرى. ويطرح معنيون يساريون بملف الأزمة اسئلة مثل: ماذا كان الموقف الرئيس مما يسمى بـ"برامج الإصلاح" التي فرضها الصندوق والبنك المركزي الأوربي، والمفروضة على بلدان الأزمة؟ والسؤال الآخر يرتبط بتعامل الصندوق الملموس مع حكومة اليسار في اليونان.
ومعلوم ان الصندوق قرر في 2010 المشاركة في تقديم قروض لليونان، مع عدم توفر الشروط المطلوبة وفق معايير الصندوق الداخلية، مثل قدرة اليونان على تحمل ديون جديدة، اي القدرة، وفق رؤية الخبراء على تسديد الفوائد والاقساط المطلوبة،او الغاء جزء من الديون القديمة قبل الدخول في الصفقة الجديدة. ولم تتوفر قتاعة كاملة بقدرة اليونان على توفير خدمة الديون، لهذا كانت قيادة الصندوق في هذه القضية منقسمة على نفسها .
عدم الإلتزام بضوابط عمل الصندوق
لقد رفض الإتحاد الأوربي فكرة الإلغاء الجزئي للديون ومارس ضغوطا على الصندوق الذي طوع قواعد عمله الداخلية لمنح القرض مقابل حزمة من الشروط القاسية. واشار التقرير بهذا الخصوص الى: " اعتماد استثناء يسمح لليونان بالحصول على حزمة القروض، دون توفر شروط اعادة هيكلة وقائية، حتى مع وجود تقديرات عالية بعدم قدرة اليونان على تسديد ديونه العامة ".
وظلت قضية التعامل مع ديون اليونان القديمة محط خلاف، وبعد فوز حزب اليسار اليوناني بانتخابات 2015 ، حاولت الحكومة الوصول الى الغاء جزئي للديون، وانتقدت السياسة المفروضة باعتباره سياسة اقتصادية لا معنى لها، وتؤدي الى كوارث اجتماعية، خصوصا وانها تفرض تقليصا قاسيا للانفاق العام.
وتعقيبا على ما ورد في التقرير اعتبرت رئيسة صندوق كرستينا لاغارد ان التعامل مع اليونان كان استثنائيا، رافضة الإتهام بتوظيف الإتحاد الأوربي للصندوق سياسيا. و يعتبر تعامل الصندوق مع ملف ديون اليونان منذ اكثر من عام اعترافا عمليا بالنقد الذي تضمنه التقرير. فالصندوق يضغط منذ 18 شهرا بشكل متصاعد من اجل اعادة هيكلة ديون اليونان، بما في ذلك الالغاء الجزئي لقسم منها، ويعتبر مطالبته هذه شرطا لمشاركته بتقديم قروض جديدة، لقناعته بعدم امكانية استمرار السياسة الحالية.
فرافاكس: التقرير لا يترك مجالا للشك
ووصف فارافاكس، الذي لعب الدور الرئيس في مرحلة المفاوضات الأولى مع المؤسسات المالية العالمية، التقرير بانه "مراجعة متوحشة، وان التحليل الوارد "لايترك مجالا للشك في النهج الاقتصادي المبتذل الذي اتبعته المؤسسات المالية، وما تبعها من ابتزاز دبلوماسي ". ويرى وزير المالية السابق في اليونان ان هذه المراكز تواجه الان مأزقاً، فاما ان تعترف بسوء سلوك قادتها وتتخذ الإجراءات المطلوبة بشأن مستقبل هذه الشخصيات المهني، او ان يؤدي صمتها الى تصاعد عدم الرضا بينها وبين الإتجاد الأوربي، مما يسرع في تفكيك الأخير. وطالب فارافاكس اللى جانب استقالة تومسن، بعزل منسق مجموعة اليورو النمساوي توماس فيسر، واقالة كلاوس ماوش ممثل البنك المركزي الأوربي في المفاوضات. وتقديم الإعتذار للشعب اليوناني، مشيرا ان كل هذه الإجراءات ليس بديلا عن التراجع عن سياسة الأزمة المتبعة في اوربا.