مجتمع مدني

الكعكة في يد اليتيم عجبة !/ ثائر فاضل

كانت كعكة صغيرة في حجمها، متواضعة في جودتها، وفي سعرها بالنتيجة، لكنها كانت تعني الكثير لتلك العائلة المتكونة من ستة أشخاص يتحلقون حولها ووجوههم تشرق بشرا، وفرحا. فالمسألة لا تحكمها قيمة الكعكة المادية أو حجمها الكبير، وعلى أية حال فإن تلك العائلة البسيطة كانت قد اعتادت وعلى مر السنين، أن تشتري في ليلة رأس السنة، بل قبلها بليلة أو اثنتين تلك الكعكة البسيطة، لأن سعرها يرتفع كثيرا في ليلة رأس السنة إن لم يتضاعف أضعافا عديدة.
وقبل ثلاث ليال من الليلة الموعودة تساءلت آخر العنقود متى ستجلبين كعكة العيد يا أمي؟ وذلك لأني رأيت اليوم في طريق العودة من المدرسة، زحاما على باب محل المعجنات القريب من دارنا. أطرقت الأم ساهمة العينين حزنا وخجلا من ابنتها، وبخاصة ان العائلة تمر هذه الأيام بمحنة مادية خانقة، وجل ما يشغل بالها وفكرها، تأمين الأمور الأساسية المهمة كوجبات الطعام، مصاريف بناتها اليومية. احتارت الأم بم تجيب فلذة كبدها الأثيرة والمدللة والتي لم تتعود أن يرفض لها طلب من قبل والديها. تحدثت الام مع نفسها، كيف سأجيب هذه المسكينة؟ وماذا سأقول؟ أتراها تستوعب جوابي إن قلت لها إن الموازنة لم تقر بعد، وإن البلد سائر إلى المجهول، أم أقول لها إن لصوصاً كباراً سرقوا أموال البلد ، الامر الذي اضطر بالحكومة لمعاقبة الشعب وفرضت عليه غرامة التقشف، وكأن الشعب هو من ضيع تلك الاموال .
في الوقت الذي يعاني الناس من هذا الجمود الاقتصادي، الخانق في البلد بينما يرتع كبار السراق، وبعض اصحاب النفوذ يتنزهون في منتجعات أوربا الشتوية وفي نواديها الليلية وفنادقها.
استدركت الام وهمست اتراني اجيبها عن الكعكة الزهيدة. بالقول أنظري إلى حال المهجرين الذين يقضون ليالي الشتاء الزمهريرية وهم يلتحفون السماء ليس لهم إلا أجسادهم المتجمدة يدفئون بها أطفالهم مؤملين إياهم بيوم آخر دافئ ينسيهم ليالي الشقاء الباردة. أتراها تفهم ذلك أو تقدره؟ أم هل تعنيها مثل هذه الأعذار!