- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الثلاثاء, 20 تشرين1/أكتوير 2015 19:09

اول ما يخطر في ذهن القارىء اني سأتحدث عن مشروع المدارس الذي لم ينجز ولم نر المدارس. ثم قد يخطر في ذهنه اني سأتحدث عن هبوط المستوى وسنوات عدم الرسوب او النجاح بالرغم من الفشل! وربما خطر للبعض اني سأتحدث عن المدارس مزدوجة او ثلاثية الدوام. الاحتمال الاخير قد تظن عائلة ابهضها التدريس الخصوصي اني سأتحدث عن مشكلتها!
الحقيقة اني اريد ان اتحدث عن كل ما يخص المدارس والشأن التربوي، ولكن في رقعة صغيرة ما عليّ الا ان اطلق نداء عن مسألة من هذه المسائل الكثيرة. تلك هي هذا التسرب الفاضح من المدارس الى السوق: طلبة يعملون حمالين، طلبة في ورش الفيترية، طلبة يبيعون ورق تنظيف (كلينيكس)، طلبة يبعون شاي وطلبة وجدناهم ضمن عصابات سلب وخطف. آخرون يتسكعون وقد سلخوا من آبائهم او امهاتهم بضعة دنانير ليشتروا مخدرات، فهم في حال بائس مؤسف.
هل نسأل لماذا؟ لان مصانع الدولة، عاطلة والمدارس مع النقل والتخلخل في التعليم لا تشجع، والناس في اوضاع اقتصادية مزرية. الدولة ترى السيارات الفارهة والمطاعم والمولات، هي لا تدري بالصرائف والعشوائيات والعوائل المكدسة في بيوت التنك، او المحشورين في غرفة واحدة. الدولة لا تدري بمن لا يملكون اجور الطبيب للأم او الاب او الطفل المريض. كيف يستمر ابناؤهم في مقاعد الدراسة؟ ما هي المعونات؟ واذا عجزت الدولة، الا يمكن ان يسهم الوقف الشيعي او الوقف السني او اصحاب الشركات او المعونات الدولية، وان تعترف الدولة بعجزها وبالنه? الفاضح الذي تم لخزينتها؟
هل تعلمون ايها السادة الذين « فوق « ان اكبر واكثر ما كان يهتم به «الاثيني» هو تربية ابنه؟ ولما اصبح اهل ميتيلينا (في اليونان القديمة) سادة البحار كانت اكبر عقوبة يوقعونها على اعدائهم الذين لا يذعنون لهم، هي حرمانهم من المدارس؟
فهل هي عقوبة هذه؟ انتم تحرمون ابناء الفقراء من اكمال الدراسة، لكنكم لا تستثنونهم من القتل ايام الحروب والازمات!
لست مغالياً اذا قلت ان اوضح تأكيد واوضح برهان على ان الدولة معنية بشعبها هو مدى عنايتها بتعليمه. أما ان تضطر العوائل الفقيرة الى قطع دراسة ابنائها كي يعملوا باعة سجاير ومنظفي قمامة وحمالين في الاسواق.. فهذا يعني هدر طاقات وربما عبقريات، واتلاف عقول يمكن ان تكون لامعة منتجة..
لماذا لا تقدم الدولة مشروعا للمستقبل، ولا أقول: لماذا لم تقدم حتى الآن، تتكفل فيه بتكاليف الدراسة الابتدائية والثانوية للعوائل ذات الدخل المحدود مع مساعدات اذا شاء ابناؤهم وبناتهم اكمال دراستهم؟ ام ان الدولة النفطية المحترمة ترى هذا بطراً؟ وهل هي مبتلاة بشعب فقير؟ هذا الشعب الفقير الذي تتعالون عليه سيكون خطرا يوما اذا ظل بلا سكن واذا ظل ابناؤه لا يستطيعون اكمال تعليمهم، واذا ظلوا معوزين في وقت تتضخم ارصدتكم وتزداد حساباتكم في المصارف!
اعملوا شيئاً لعودة الطلبة الفقراء الى مقاعد الدراسة، فهم ابناء الشعب..
راصد الطريق*